مشاركات المنتسبين

الثلاثاء، 14 فبراير، 2023

الذكرى الـ 50

"مرحب.. مرحب.. ‏ مرحب وَانِستوا يا احْباب.. مرحب.. مرحب.. ‏ نوّرتوا بيوت الشباب" ‏ كانت آخر كلمات ردّدناها قبل أن نُسلّمَ أنفسَنا إلى مضاجعنا مبكّراً مقارنةً بالأيام السّابقة، كيف لا وغداً يوم الذكرى الخمسين! كيف لا وغداً يوم سنعرض فيه طلبات التّوأمة على جمعيات بيوت الشباب العالمية المختلفة! صمتٌ خيّم في المنتجع، هدوءٌ وسكينةٌ، الوقت يمرُّ بسرعةٍ فائقةٍ.. الفجرُ يُؤذّن! ما ختم المؤذّن أذانه إلا وكان قرع أبواب الغُرف يرافق تثويبَه.. انهضوا يا شباب! انهضوا فإنّ يومكم يومٌ حافل! عسى أن تُغيّروا صورةً دمويّة رسمتها ريشةُ الذئاب. بعضُنا التهم إفطارَه على عجل، وبعضٌ آخر آثر تركَ الإفطار؛ ذلك أدنى أن يُضعِفَ سيفَ توتُّره! تحلّقنا حول الحافلات، كلٌّ يسأل عن حافلة منطقته حاملاً حقائبه الكثيرة، ومع شدة ثقلها وضخامة حجمها إلا أنّنا لم نتألّم منها ولم نعبأ بثقلها.. فالثّقل كل الثّقل في تأدية مسئوليّتنا في أفضل صورة! انطلقت حافلاتنا قاطعةً المدن، واصلةً المدينةَ بأختها، يراودنا الكرى عن أنفسنا جميعاً.. فبعضُنا يستسلم، والآخر يستعصم. ‏اقتربنا من هدفنا المنشود، "بيت شباب غريان"، أسدل الحماسُ ثوبه على الجميع، فإذا بالنعاس يفرُّ هارباً، الكل يراقب، الكل ينتظر.. ‏ ‏"بوابة الهيرة"، وما أدرانا ما "بوابة الهيرة"؟! ما إن وصلنا "بوابة الهيرة" بمدينة غريان إلا ووجدنا السّواتر الترابية مشهرةً مقصّاتها معلنةً تمزيقَ ما تسربلنا به من أثواب الحماس! إشارةٌ من بعضهم إن ارجعوا! ارجعوا! ارجعوا! لا مكان لكم هنا! كلماتٌ أخرجها من فمه كانت كفيلةً بوأد كلّ الآمال.. كلّ الطموحات.. كلّ الأحلام! لم يرقبوا في أبناء بلدهم مودةً ولا قربى! ويكأنّهم ما احترموا حرمةَ اجتماع شباب وطنهم! أعلن اليأسُ قيامَ دولته.. تغيّرت وجهةُ حافلاتنا، فصاحب الحُكم الجائر قد صاح: "يكفيكم ما اجتمعتم! كلُّ يعود إلى مدينته جارّاً أذيال الخيبة!". يا ليتني مُكّنتُ من مخاطبتهم! ما كنت إلّا مردّداً بيتي نورس الشعر -ويا ليته كان بيننا؛ إذن لتغزّل باجتماع أبناء وطنه!- : "أنتَ قلبي ولساني ويدي ‏ فإذا لم تحمني أنتَ فمن؟! ‏ كلُّ من أوقدَ ناراً حولنا ‏ سوف يصلاها.. وإن طال الزمن!" مساكين.. ظنّوا أنهم بمنعهم دخولنا بيتَنا قد قتلوا روح العزيمة فينا! لا وربّي! سنعود.. سنعود.. سنجتمع، وسنأخذ حقّنا نسيئةً وبأضعافٍ مضاعفة! ‏

الوسوم:
الذكرى الـ 50